كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وعند ابي حنيفة لا يصح قذفه ولعانه لضعف تاثيرهما. وإذا قذف العبد حرًا فعليه أربعون جلدة قاله مالك والشافعي وابو حنيفة واصحابه على قانون قوله: {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} [النساء: 25] وعند الشيعة ويروى عن علي رضي الله عنه أنه يجلد ثمانين أخذًا بعموم الآية، ولهذا اتفقوا على دخول الكافر فيه حتى لو قذف اليهودي مسلمًا جلد ثمانين. ويستثنى من الرماة الأب أو الجد إذا قذف أولاده أو أحفاده فإنه لا يجب عليه الحد كما لا يجب عليه القصاص. وأما البحث عن المرمي فالمحصنات العفائف لأنهن منعن فرجهن إلا من زوجهن وهي عامة إلا أن الفقهاء اعتبروا لكونها محصنة شرائط خمسًا: الإسلام لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أشرك بالله فليس بمحصن» والعقل والبلوغ لأن المجنون والصبي لا اهتمام لهما بدفع العار عن أنفسهما، والحرية لمثل ما قلنا، والعفة لأن الحد شرع لتكذيب القاذف فإذا كان صادقًا فلا معنى للحد حتى لو زنى مرة في عنفوان شبابه ثم تاب وحسنت حاله لم يحد قاذفه بخلاف ما لو زنى في حال صغره أو جنونه ثم بلغ أو أفاق فقذفه قاذف فإنه يحد لأن فعل الصبي والمجنون لا يكون زنا. ولو زنى بعد القذف وقبل إقامة الحد على القاذف سقط الحد عن قاذفه. قال أبو حنيفة والشافعي لأن ظهور الزنا منه خدش ظن الإحصان به وقت القذف، ودل على أنه كان متصفًا به قبله كما روي أن رجلًا زنى في عهد عمر فقال: والله ما زنيت إلا هذه. فقال عمر: كذبت إن الله لا يفضح عبده في أول مرة. وقال أحمد والمزني وأبو ثور: الزنا الطارئ لا يسقط الحد عن القاذف. ولفظ المحصنات لا يتناول الرجال عند جمهور العلماء إلا أنهم أجمعوا على أنه لا فرق في هذا الباب بين المحصنين والمحصنات والقذف بغير الزنا كأن يقول: يا آكل الربا يا شارب الخمر يا يهودي يا مجوسي يا فاسق وكذا قذف غير المحصنين بالزنا لا يوجب إلا التعزير، ولو كان المقذوف معروفًا بما ذكره فلا تعزير أيضًا. واعلم أنه سبحانه حكم على القاذف إذا لم يأت بأربعة شهداء بثلاثة أحكام: جلد ثمانين وبطلان الشهادة والحكم بفسقه إلى أن يتوب. فذهب جمع من الأئمة كالشافعي والليث بن سعد إلى أنه رتب على القذف مع عدم الإتيان بالشهداء الأربعة أمورًا ثلاثة معطوفة بعضها على بعض بالواو وهو لا يفيد الترتيب، فوجب أن لا يكون رد الشهادة مرتبًا على إقامة الحد، بل يجب أن يثبت رد الشهادة بالقذف مع عدم البينة سواء اقيم عليه الحد أم لا.
وقال مالك وأبو حنيفة واصحابه: شهادته مقبولة ما لم يحد فإذا استوفى لم تقبل شهادته. وإنما ذهب إلى هذا نظرًا إلى ظاهر الترتيب مع موافقته للأصل وهو كونه مقبول الشهادة ما لم يطرأ مانع ولقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودًا في قذف» أخبر ببقاء عدالته ما لم يحدّ.
أما الاستثناء في قوله: {إلا الذين تابوا} فإنه لا يرجع إلا الجملة الأولى اتفاقًا لأنه إذا عجز عن البينة وهو الإتيان بأربعة شهداء وجب عليه الجلد ولم يكن للإمام ولا للمقذوف أن يعفو عن القاذف لأنه خالص حق الله عز وجل، ولهذا لا يصح أن يصالح عنه بمال. هذا قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال الشافعي: إذا عجز عن البينة وجب على الإمام وهو المخاطب بقوله: {فاجلدوهم} أن يأمر بجلده وإن تاب لأن القذف وحده حق الآدمي والمغلب فيه حقه، فليس للإمام أن يعفو عنه. ولا خلاف في رجوع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة وأن المراد أنهم محكوم عليهم بالفسق. إلا أن تابوا. بقي الخلاف في رجوع الاستثناء إلى الجملة المتوسطة، منشأ الخلاف مسألة أصولية هي أن الاستثناء بعد جمل معطوف بعضها على بعض للجميع وهو مذهب الشافعية، أو للاخيرة وهو مذهب الحنفية، ويتفرع على مذهب الشافعي أن القاذف إذا تاب وحسنت حاله قبلت شهادته فيكون الأبد مصروفًا إلى مدة كونه قاذفًا وهي تنتهي بالتوبة والرجوع عن القذف. ويتفرغ على مذهب أبي حنيفة أنه لم تقبل شهادته وإن تاب والأبد عنده مدة حياته. وقوله: {وأولئك هم الفاسقون} جملة مستأنفة عنده لا معطوفة لأنها خبرية وما قبلها طلبية، ولو سلم أنها معطوفة فالاستثناء يرجع إليها فقط. قال صاحب الكشاف: حق المستثنى عند الشافعي أن يكون مجرورًا بدلًا من هم في لهم، وحقه عند أبي حنيفة أن يكون منصوبًا لأنه عن موجب. قلت: حقه عند الإمامين أن يكون منصوبًا لأن الاستثناء يعود عند الشافعي إلى الجملتين، ولا يمكن أن يكون الاسم الواحد معربًا بإعرابين مختلفين في حالة واحدة، لكنه يجب نصبه نظرًا إلى الأخيرة فتعين نصبه نظرًا إلى ما قبلها أيضًا، وإن جاز البدل في غير هذه المادة. هذا وقد احتجت الشافعية أيضًا في قبول شهادة القاذف بعد التوبة بقوله صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» وإذا كانت التوبة من الكفر والزنا والقتل مع غلظها مقبولة فلأن تقبل من القذف أولى. وأيضًا إن أبا حنيفة يقبل شهادته قبل الحد فبعده وقد تاب وحسن حاله أولى. وأيضًا الكافر يقذف فيتوب من الكفر فتقبل شهادته بالإجماع، فالقاذف المسلم إذا تاب من القذف كان أولى بأن تقبل شهادته لأن القذف مع الإسلام أهون حالًا من القذف مع الكفر.
لا يقال: المسلمون لا يعبؤون بسب الكفار لاشتهارهم بعداوتهم والطعن فيهم فلا يلحق المقذوف بقذف الكافر عار حادث بخلاف ما لو قذفه مسلم. وأيضًا الإيمان يجب ما قبله وبهذا لا يلزم الحد بعد التوبة من الكفر ويلزم بعد التوبة من القذف لأنا نقول: هذا الفرق ملغى في أهل الذمة لقوله صلى الله عليه وسلم: «لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين» واحتجت الحنفية في عدم قبول شهادته بما روى ابن عباس في قصة هلال بنأمية يجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين ولم يشترط التوبة، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدود في قذف» ولم يذكر التوبة. وروى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا تجوز شهادة محدود في الإسلام» والشافعية عارضوا هذه الحجج بوجوه: منها قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا علمت مثل الشمس فاشهد» فإذا علم المحدود وجبت عليه الشهادة ولو لم يقبل كان عبثًا. ومنها قوله نحن نحكم بالظاهر، وهاهنا قد ظهرت العفة والصلاح. ومنها أن عمر بن الخطاب ضرب الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة وهم ابو بكرة ونافع ونفيع ثم قال لهم: من أكذب نفسه قبلت شهادته. فأكذب نافع ونفيع أنفسهما وتابا فكان يقبل شهادتهما.
وقد بقي في الآية مسائل.
الأولى: قال الشافعي: لا فرق بين أن يجيء الشهود متفرقين أو مجتمعين. وقال أبو حنيفة: إذا جاؤوا متفرقين لم يثبت وعليهم حد القذف كما لو شهد على الزنا أقل من أربعة. حجة الشافعي أن الآتي بالشهداء متفرقين آتٍ بمقتضى النص واجتماعهم أمر زائد لا إشعار به في الآية. وأيضًا القياس على سائر الأحكام بل تفريقهم أولى لأنه ابعد عن التهمة والتواطؤ. وكذلك يفعل القاضي في كل حكم سواه عند الريبة. وايضًا لا يجب أن يشهدوا معًا في حالة واحدة بل إذا اجتمعوا عند القاضي ويقوم واحد بعد آخر ويشهد جاز فكذا إذا اجتمعوا على بابه ويدخل واحد بعد آخر. حجة أبي حنيفة الشاهد الواحد لما شهد قذفه ولم يأت بأربعة شهداء فوجب عليه الحد فخرج عن كونه شاهدًا، ولا عبرة بتسميته شاهد إذا فقد المسمى فلا خلاص عن هذا الإشكال إلا باشتراط الاجتماع، ونظيره ما روي أن المغيرة بن شعبة شهد عليه بالزنا عند عمر بن الخطاب اربعة: أبو بكرة ونافع ونفيع. وقال زياد: وكان رابعهم: رايت رجليها على عاتقه كأذني حمار ولا أدري ما وراء ذلك. فجلد عمر الثلاثة ولم يسأل هل معهم شاهد آخر. فلو قبل بعد ذلك شهادة غيرهم لتوقف في الحد للاحتياط.
الثانية: جوّز أبو حنيفة أن يكون زوج المقذوفة واحدًا من الشهداء الأربعة وأباه الشافعي.
الثالثة: قال الشافعي: في أحد قوليه: إذا أتي بأربعة فساق فهم قذفه يجب عليهم الحد كما يجب على القاذف الأول. وقال أبو حنيفة: لا حد عليهم ولا على القاذف لأنه أتى باربعة من أهل الشهادة إلا أن الشرع لم يعتبر شهادتهم، فكما اعتبرنا التهمة في نفي الحد عن المشهود عليه فكذلك يجب اعتبارها في نفي الحد عنهم.
الرابعة: لا يكفي في الشهادة إطلاق الزنا لابد أن يذكروا التي زنى بها وأن يذكروا الزنا مفصلًا مفسرًا فيقولوا: رأيناه أدخل فرجه في فرجها كالمرود في المكحلة أو كالرشا في البئر، ولابد مع ذلك من الوصف بالتحريم. ولو أقر على نفسه بالزنا فهل يشترط التفسير والبيان؟ فيه وجهان: نعم كالشهود لا كالقذف.
الخامسة: قالوا: أشد الحدود ضرب الزنا ثم ضرب الخمر ثم القذف لأن سبب عقوبته يحتمل الصدق والكذب. إلا أنه عوقب صيانة للأعراض.
السادسة: حد القذف يورث عند مالك والشافعي بناء على أنه حق الآدمي. وقد قال صلى الله عليه وسلم: «من ترك حقًا فلورثته» والأصح أنه يرثه جميع الورثة. وفي قول سوى الزوج والزوجة لأن الزوجية ترفع بالموت، ولأن لحوق العار بها أقل. وعلى هذا القول اعتراض أبو حنيفة بأنه لو كان موروثًا لكان للزوج والزوجة فيه نصيب.
السابعة: إذا قذف إنسان إنسانًا بين يدي الحاكم أو قذف امرأته برجل والرجل غائب فعلى الحاكم أن يبعث إلى المقذوف ويخبره بأن فلانًا قد قذفك وثبت لك حد القذف عليه كما لو ثبت له حق على آخر وهو لا يعلمه يلزمه إعلامه، وبهذا المعنى بعث النبي صلى الله عليه وسلم أنيسًا ليخبرها بأن فلانًا قذفها بابنه ولم يبعثه ليتفحص عن زناها.
قال الشافعي: وليس للإمام إذا رمى رجل بالزنى أن يبعث إليه فيساله عن ذلك لأن الله تعالى قال {ولا تجسسوا} [الحجرات: 12] وأراد به إذا لم يكن القاذف معينًا كأن قال رجل بين يدي الحاكم: الناس يقولون إن فلانًا زنى: فلا يبعث الحاكم إليه فيساله. الثامنة: قال الشافعي: توبة القاذف إكذابه نفسه. وفسره الأصطخري بأن يقول: كذبت فيما قلت فلا أعود إلى مثله. وقال أبو إسحق: لا يقول كذبت لأنه ربما يكون صادقًا فيكون قوله كذبت كذبًا والكذب معصية والإتيان بالمعصية لا يكون توبة عن معصية أخرى بل يقول: القذف باطل وندمت على ما قلت ورجعت عنه ولا أعود إليه. ولابد من مضيّ مدة عليه في حسن الحال وهو المراد بقوله: {وأصلحوا} وقدّروا تلك المدة بسنة لأن مرور الفصول الأربعة كلها له تاثير في الطباع. وأن الشارع جعل السنة معتبرة في الزكاة والجزية وغيرهما. أما قوله: {وأولئك هم الفاسقون} ففيه دليل على أن القذف من جملة الكبائر، وأن الفاسق اسم من يستحق العقاب لأنه لو كان مشتقًا من فعله لكانت التوبة لا تمنع من دوامه كما لا تمنع من وصفه بأنه ضارب، اللهم إلا أن يقال: إنما لا يطلق عليه هذا الاسم بعد التوبة للتعظيم كما لا يقال الأكابر الصحابة كافر لكفر سبق.
قالت الأشاعرة: في قوله: {فإن الله غفور رحيم} دلالة على أن قبول التوبة لا يجب عليه وإلا لم يفد المدح. الحكم الثالث: اللعان وسببه قذف الزوجات خاصة. القذف أمر محظور في نفسه إلا إذا عرض ما يباح أو يجب به. وتفضيل ذلك أنه إن رآها الزوج بعينه تزني، أو أقرت هي على نفسها ووقع في قلبه صدقها، أو سمع ممن يثق بقوله، أو استفاض بين الناس أن فلانًا يزني بفلانة وقد رآه الزوج يخرج من بيتها، أو رآه معها في بيت، أبيح له القذف لتأكيد التهمة. ويجوز أن يمسكها أو يستر عليها لما روي أن رجلًا قال: يا رسول الله إن لي امرأة لا تردّ يد لامس. قال: طلقها. قال: إني أحبها. قال: فأمسكها أما إذا سمعه ممن لا يوثق بقوله، أو استفاض ولكن لم يره الزوج معها أو بالعكس لم يحل له قذفها لأنه ربما دخل لخوف أو سرقة أو لطلب فجور وابت المرأة هذا كله إذا لم يكن ثمة ولد يريد نفيه، فإن كان ثمة ولد فإن تيقن أنه ليس منه بأن لم يكن وطئها أو وطئها لكنها أتت به لأقل من ستى اشهر من وقت الوطء أو لأكثر من أربع سنين يجب عليه نفيه باللعان لأنه ممنوع من استلحاق نسب الغير كما هو ممنوع من نفي نسبه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الشهاد من الأولين والآخرين» وإن احتمل أن يكون الولد منه بأن أتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الوطء ولأقل من أربع سنين، فإن لم يكن استبرأها بحيضة أو استبرأها وأتت به لدون ستة أشهر من وقت الاستبراء لم يحل له القذف والنفي، وإن اتهمها بالزنا وإن استبرأها وأتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت الاستبراء يباح له القذف والنفي، والأولى أن لا يفعل لأنها قد ترى الدم على الحبل. وإن أتت امرأته بولد لا يشبهه كأن كانا أبيضين وأتت به أسود فإن لم يتهمها بالزنا فليس له نفيه لما روى أبو هريرة أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود فقال: «هل لك من إبل؟قال: نعم. قال: ما لونها؟ قال: حمر. قال: فهل فيها أورق؟ قال: نعم قال: فكيف ذاك؟ قال: نزعه عرق. قال: فلعل هذا نزعه عرق» وإن كان يتهمها بزنا أو برجل فأتت بولد يشبهه فهل يباح نفيه؟ فيه وجهان: أما سبب نزول الاية فقد قال ابن عباس: لما نزلت الآية المتقدمة قال عاصم بن عدي الأنصاري: إذا دخل منا رجل بيته ووجد رجلًا على بطن امرأته فإن جاء بأربعة رجال يشهدون بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج، وإن قتله قتل به، وإن قال: وجدت فلانًا مع تلك المرأة ضرب، وإن سكت سكت على غيظ، اللهم افتح. وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر، وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس، فأتى عويمر عاصمًا وقال: رأيت شريك بن السحماء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمعة الأخرى فقال: يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بهذا في أهل بيتي. أخبرني عويمر أنه رأى شريكًا على بطن امرأته، وكان عويمر وخولة وشريك كلهم أبناء عم عاصم. فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جميعًا وقال لعويمر: اتق الله في زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها. فقال: يا رسول الله أقسم بالله أني رأيت شريكًا على بطنها وأني ما قربتها منذ أربعة اشهر وأنها حبلى من غيري. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتقي الله ولا تخبري إلا بما صنعت. فقالت: يا رسول الله إن عويمرًا رجل غيور وإنه رأى شريكًا يطيل التردد ويتحدث فحملته الغيرة على ما قال فأنزل الله سبحانه هذه الآيات. {والذين يرمون أزواجهم} إلى آخرها. فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نودي بالصلاة جامعة فصلى العصر ثم قال لعويمر: قم وقل أشهد بالله أن خولة لزانية وإني لمن الصادقين. ثم قال في الثانية قل أشهد بالله إني رايت شريكًا على بطنها وإني لمن الصادقين. ثم قال في الثالثة: قل أشهد بالله أنها حبلى من غيري وإني لمن الصادقين. ثم قال في الرابعة: قل أشهد بالله إنها زانية وإني ما قربتها منذ أربعة أشهر وإني لمن الصادقين. ثم قال في الخامسة: قل لعنة الله على عويمر يعني نفسه إن كان من الكاذبين فيما قاله. ثم قال: اقعد. وقال لخولة: قومي فقامت. وقالت: أشهد بالله ما أنا بزانية وإن زوجي عويمرًا لمن الكاذبين. وقالت في الثانية: اشهد بالله ما رأى شريكًا على بطني وإنه لمن الكاذبين. وقالت في الثالثة: اشهد بالله إني حبلى منه وإنه لمن الكاذبين. وفي الرابعة: أشهد بالله إنه ما رآني على فاحشة قط وإنه لمن الكاذبين. وفي الخامسة: غضب الله على خولة إن كان عويمر من الصادقين في قوله.